«شرعية» الدكتور محمد مرسي الذي ندد بها في خطابه الأخير، الذي بث على قناة الجزيرة، في مشهد شابه الانهيار، أثارت حفيظة كلا المعسكرين، المؤيد والمعارض، فالأول زاده يقينا بأنه لا مجال سوى الانتقام وعودة الشرعية المغتصبة بالدم، تلبية لدعوة مرسي بالحفاظ عليها، والثاني زاده تأكيدًا بأن ثورته صوابًا، ليزيل ما بقى من فكر أو ندم، فيما قد ستؤل إليه الأوضاع إذا ما ساءت بعد ذلك.
في الحقيقة أنهم لا يدرون أنهم بذلك يناقضون أنفسهم حيث إن جماعة الإخوان المسلمين هي أول من اتفق مع المجلس العسكري وجلست معه، وباركت قمعه ضد الثوار والمعارضين في أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، الذي راح ضحيتها وقتها حوالي 40 شهيدًا، وهي أول من أيدته، تمهيدًا لتسلمها السلطة في انتخابات، كانت نتيجتها نزيهة لدرجة كبيرة، وكان بالأحرى تأجيل الانتخابات حتى بعد كتابة «دستور» للثورة، لا تهيمن عليه إرادة سياسية وحزبية كما فعل حزب «الحرية والعدالة» حين ذاك.
لا يصلح أن يكن الخوف على الدين الإسلامي لمؤيدي مرسي أن يكون مبررًا للانتقام والوقوف أمام إرادة الملايين في الشوارع بالقاهرة والمحافظات، فالدين لا يحتاج من يحميه أو يدافع عنه، ومصر دولة إسلامية وستظل إسلامية، بمؤسسات دينية وسطية عريقة.
ولم تتوقف مزاعم «فلول الإخوان» عند هذا الحد، بل ذهب الأمر إلى أن الأمر عودة صريحة لسلطة الجيش مرة أخرى، وهو الأمر الذي لم يثبت مطلقا بتصريحات السيسي بأنه يعي حدود دور القوات المسلحة في النظام السياسي.
ورغم أن معسكر «رابعة والنهضة» يعلم أن مرسي فشل في السيطرة تمامًا على الدولة، وتراجع المستمر للاقتصاد، خلال حكمه، ولتقاعسه عن تشكيل حكومة ائتلافية ذات قاعدة عريضة تضم طوائف أخرى شاركت في ثورة 25 يناير، إلا أن الأمر يبدو وأنه ردة فعل مجهزة من قبل ومدبر مسبقا من قادتهم، وتجهيز المعتصمين بأسلحة وقنابل يدوية الصنع، لبدء إعلان حرب أهلية حقيقة بين أبناء الوطن الواحد.
فإن لجوء عصام الحداد مستشار مرسي إلى الدول الأجنبية للاستغاثة بها ورفض سعد الكتاتني بالجلوس في اجتماع القوات المسلحة وتحريض العريان وجهاد الحداد يمثل إعلانًا مباشرًا لتلك الحرب الأهلية، بناء على طلب مرسي، هو خيانة صريحة للوطن، مهما كان حجم الاختلاف السياسي في الرأي.
عزيزي المؤيد لمرسي، تذكر أنك تؤيد مصر وطنك قبلها، وإن كنت خائفا على الدين لا تخف، وإن كنت خائفا على نفسك، بعد رحيل النظام، فأنت في بلدك وبين أهلك، ولك كل الحقوق، إذا اعتديت فاعلم أنك ترفض وطنيتك وتخسر نفسك، عزيزي الخائف على الإسلام، إن الدولة المدنية ستضمن لك الدين وحرية العقيدة والرأي دون قمع أو تضييق، عزيزي ما حدث ليس انقلابا عسكريا إنما هو انحيازا صريحا لرغبة ملايين المصريين في مرحلة انتقالية لثورة لم تستكمل أركانها بعد، هي الشرعية الحقيقة شرعية الشعب الذي له كل السلطات.