«عبقرية صفوت حجازي «جنرال الدم

تفتقت عقلية العبقري صفوت حجازي، في معركتين لم يفصل بينهما سوى أيام، كان من بين أهدافهما الرئيسية، تشويش صورة عن الرأي العام المصري أمام كاميرات العالم، ووضع قدم ثابتة في مفاوضات محتملة مع الجيش، الذي في تصور حجازي، أنه سيجبر على استدعاء الجماعة لتفاوض سري لإنهاء الصراع المزمع فرضه على الأرض.

قبل بداية «30 يونيو» بحوالي أسبوع ترسّخ لدى رؤساء جماعة الإخوان أن هناك أمرا ما يحاك، لم تنجح قراءتهم للشارع كالعادة في فهم ما يدار استمرارا لسياسة الاستعلاء لديهم منذ ثورة يناير وما بعدها.

وتصدر المشهد توافقا مع تلك السياسة، صفوت حجازي، البارع في مسألة الحشد «القتالي» والتكتيكات الدفاعية منذ ثورة يناير، لتبدأ تصريحاته تتصاعد في حدتها تدريجيا حتى عزل مرسي رسميا  الأربعاء 3 يوليو، لتأتي دور الخطابات التحريضية الصريحة بوأد ما أسماه بـ«الانقلاب العسكري»، بالقوة والدم، وإطلاق مشروع «الشهيد»، ليظل يتلاعب بعقول ألاف الشباب الصغار من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ومن ولاهم من التيارات الإسلامية.

واستطاع حجازي، بمعاونة كثيرين في تحويل دفة الصراع بعيدا عن مرسي إلى الجهاد في سبيل الله والمشروع الإسلامي حتى يكون دافعا ربانيا للاستشهاد برصاص الأمن، العدو الذي سلب من مرسي شرعيته، في تصورهم.

وحجازي الذي يدّعي أنه داعية وحاصل على الدكتوراه هو في الحقيقة حاصل على  ليسانس الآداب قسم مساحة وخرائط من جامعة الإسكندرية 1984، سافر بعدها إلى السعودية وعاد أوائل التسعينات ليمارس عمل الدعوة لما له من عوائد مالية، حتى مارس الدعوة التلفزيونية، وقدمته الجزيرة كأحد قيادات ثورة يناير في برنامج وثائقي لتسجيل أحداثها، استطاع في مشهدين منفصلين أن يحرك دفة الإعلام العالمي من على التحرير إلى رابعة عقب مليونية الحفاظ على مكتسبات الثورة 7 يوليو، والتي شهدت ملايين المشاركين في محافظات مصر بجانب القاهرة، بمواجهة مسلحة استفزازية لقوات الحرس الجمهوري الذين تعاملوا بقسوة مع التحرش الإخواني خلال الساعات الأولى من الصباح سقط على إثرها 51 قتيلا.

وتتجه الأنظار بعدها إلى الحرس الجمهوري تلك الجهة، التي تمثل المؤسسة العسكرية، للحديث عن الانقلاب العسكري المدفوع بالقوة، لينجح حجازي بآلات إعلامية جهنمية برعاية الجزيرة والأناضول في فرض سطوة وكميات أخبار ملفقة عن الأحداث، لرسم شكل دموي للثورة يحولها إلى ما يسمى الانقلاب العسكري.

ولا يعرف هو ومن معه أن بمرور الأيام تتكشف الحقيقة وتظهر خسة ما يدعيه بل يصل الأمر إلى أن البعض يرى أن في الواجب مواجهته بقوة وحسم نابعان من نزعة انتقامية لجماعة تحاول فرض هيمنتها وسطوتها على إرادة الملايين، تؤيدها آلات إعلامية كثيرا ما عانت من النظام الإخواني في محاولة لكسب الصراع المعلوماتي الذي بدأه الإخوان منذ عهود بالتضليل.

صفوت حجازي ماض في طريق رسم له من البداية، يعلم أنه فشل في كسب التعاطف إلا أنه يصر على خطة أعد لها منذ فترة، تتمثل في شلل القاهرة وإرباك حياة الناس بديلا عن اعتصام رابعة، الذي يعلم أنه انتهى دوره إكلينيكيا.

وجاءت فرصة حجازي واتية مع انهيار تام داخل معسكر رابعة أمام ملايين المصريين في جمعة تفويض السيسي، لمواجهة عنف الإخوان في سيناء بذراع حماس والقاهرة بزعامة حجازي، ليدعو المعتصمين لاحتلال «النصب التذكاري» والسيطرة على كوبري أكتوبر ومد الاعتصام عن طريق حواجز حجرية، لغلق أهم وأكبر محاور القاهرة المرورية.

ويدعو حجازى فى كلمته التحريضية على منصة رابعة «إن شاء الله رب العالمين الجمعة هى الفرقان بين الحق والباطل، ويوم السبت هيحصل حاجة، والأحد الرئيس معانا إن شاء الله»، ليتوجّه أنصار مرسي، لاحتلال طريق النصر وكوبرى أكتوبر، وهو الأمر الذى رفضته الشرطة، انتهى بسقوط 46 قتيلا.

وينجح حجازي للمرة الثانية في تحويل الدفة الإعلامية مرة أخرى إلى معسكر رابعة بعد مشاهد تاريخية لـ 31 مليون مصري في شوارع مصر يفوضون الجيش لمواجهة الإرهاب.

لتبدأ الأحزاب الإسلامية بعدها خطابات التصعيد، وكأنها خطوات ممنهجة من ذي قبل، للحديث عن مبادرات للخروج من الأزمة والتحول للمسار الديمقراطي، فهم لا يعلمون أن ليس هناك مجالا لمسألة المبادرات لحل أزمات مفتعلة، فالرؤس ليست سواء فهناك شعب قال إرادته في مواجهة جماعة تفرض إرهابيتها.

إن فض اعتصام رابعة يعني السجن لصفوت حجازي وجميع القيادات المختبئين في خيام الاعتصام، هو بمثابة حياة أو موت، هي الحرب الذين لا يبخلون بحياة شباب الإخوان أن تكون ثمنا حيال بقائهم أحياء خارج سجون عاشوا فيها أعمارًا من الظلام.

بعد عام في السلطة، وتوسلات سياسات استبدادية زرعت النفور في نفوس ملايين المصريين، عاد «الإخوان المسلمون» إلى المربع الأول،  التي كانت  فيه الجماعة في مرمى نيران النظام العسكري، الآن تواجهون نفس المصير وكأن شيئا لم يكن، لأنكمم لا تتعلمون أبدا.

رابط المقال المنشور في بوابة مصراوي يوم السبت 27 يوليو 2013